قال الرئيس بشار الأسد في حوار أجراه معه التلفزيون السوري الرسمي، إنه لا يشعر بالقلق جراء الأوضاع في بلاده، وقال أيضا ''بدأنا بتحقيق إنجازات أمنية مؤخراً لم نعلن عنها الآن لضرورة نجاح هذه الإنجازات''، مشيراً إلى أن هناك حالات لا بد من مواجهتها من خلال المؤسسات الأمنية''. فهل توجد إنجازات أمنية غير اقتحام دبابات الجيش السوري ومدرعاته للمدن والقرى السورية وقنبلة الرافضين له ولحكمه؟
كلام الأسد ''الذي لا يشعر بالقلق'' يعني أن الاضطرابات التي تهز سوريا للشهر السادس على التوالي وخلفت لحد الآن ما يقارب الألفي ضحية لا تهزه ولا تقلقه، وبالتالي فإن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد ظاهرة عادية وطبيعية، وهو ما يعني كذلك أن الرجل مستعد للتعايش مع هذا الوضع لأشهر أخرى ولمَ لا سنوات أخرى، إذا ما تمكن من المحافظة على الأوضاع المضطربة الحالية، وليس مهما حسب هذا المنطق أن يستمر تساقط القتلى والجرحى وتوقف الحياة الطبيعية والاقتصاد بالبلاد، لأيام وأسابيع وأشهر قادمة.
جارنا العقيد القذافي قال هو وقال ابنه بعيد اندلاع انتفاضة الشعب الليبي نفس الكلام الذي قاله قبله مبارك ومن معه من أن ليبيا ليست مصر وليست تونس، وقال بعد اقتحام الثوار للعاصمة طرابلس ''صوتيا'' على التلفزيون الليبي، بصيغة الآمر ''افتحوا مخازن السياسي وسلحوا الجماهير'' ليدافعوا عن مدينتهم، فعن أية جماهير وعن أي سلاح كان يتكلم... يبدو أنه لم يدرك بعد أن الجماهير التي يتحدث عنها قد اقتحمت مخازن السلاح وحاربت كل أتباعه وهي تبحث عنه لمحاسبته عما ارتكبه في حقها.
ما يهمنا في هذه التداعيات، هو غياب حس المسؤولية عند هؤلاء الحكام الذين يفترض أنهم يقدرون ويحترمون على الأقل أرواح مواطنيهم، لا أن يصروا على القتال حتى النهاية مع ما ترتب وما يترتب عن ذلك من سقوط أعداد أخرى من الضحايا... لو كان هؤلاء الحكام يخوضون حربا ضد عدو أجنبي لاحترمت قراراتهم وقدرت استماتتهم في الدفاع عن مواقعهم، لكن أن يستميت هذا الحاكم العربي أو ذاك في الدفع بأتباعه إلى مقاتلة أبناء وطنهم، ثم يهربون في نهاية المعركة، فذلك هو الجبن بعينه.
أيهما أرحم للقذافي... أن يخاطب شعبه بعد الانفجار مباشرة وينسحب من الساحة السياسية، أم يركب رأسه وينتهي نهاية مساء أمس، ونفس الأمر بالنسبة للأسد الذي سيعرف حتما في نهاية المطاف نفس مصير من سبقه في تونس والقاهرة وطرابلس