ما أعظم أن يكون للإنسان طموح أبعد من قدميه ، فيسعى جاهدا لتحقيقه ، ولكن شتان بين طموح دنيوي زائل وبين طموح أخروي دائم ، فلعل هذه القصة تبين الفرق بينهما :
عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه - ، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- نزل بأعرابي فأكرمه ، فقال له : « يا أعرابي سل حاجتك » قال : يا رسول الله ، ناقة برحلها, وأعنز يحلبها أهلي . قالها مرتين ، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : أعجزت أن تكون مثل عجوز بني إسرائيل ؟ فقال أصحابه : يا رسول الله ، وما عجوز بني إسرائيل ؟ قال : « إن موسى أراد أن يسير ببني إسرائيل فأضل عن الطريق ، فقال له علماء بني إسرائيل : نحن نحدثك أن يوسف أخذ علينا مواثيق الله أن لا نخرج من مصر, حتى ننقل عظامه معنا ، قال : وأيكم يدري أين قبر يوسف ؟ قالوا : ما تدري أين قبر يوسف إلا عجوز بني إسرائيل ، فأرسل إليها, فقال: دليني على قبر يوسف, فقالت : لا والله لا أفعل حتى أكون معك في الجنة ، قال : « وكره رسول الله– صلى الله عليه وسلم- ما قالت, فقيل له : أعطها حكمها فأعطاها حكمها فأتت بحيرة ، فقالت : أنضبوا هذا الماء . فلما نضبوه قالت : احفروا هاهنا, فلما حفروا إذا عظام يوسف ، فلما أقلوها من الأرض, فإذا الطريق مثل ضوء النهار »