قال سعيد بن سلم: مدحني أعرابي فأبلغ، فقال:
ألا قل لسَارِي اللَّيلِ لاَ تَخْش ضلّة* سَعِيد بن سلم نُور كلّ بلادٍ
لنَا سَيـد أربَـى عَلى كُل سيـد * جَواد حَثا في وَجْه كُل جَوَادٍ
قال: فتأخرت عنه قليلاً. فهجاني فأبلغ،
فقال:
لكُلّ أخي مَدْح ثَواب عَلِمته * وَليس لِمَدح البَاهِلي ثَواب
مَدَحت سَعيدًا وَالْمَديح مَهزة * فكَان كصَفْوان عَليه تُراب
ومدح الحسن بن رجاء أبا دلف فلم يعطه شيئاً،
فقال:
أبا دلف ما أكذب الناس كلهم * سواي فإني في مديحك أكذب
وقال آخر في مثل هذا المعنى:
لئن أخْطَأتُ في مَدِيحِـ * كَ مَا أَخطَأتَ فِي مَنعِي
لقد أَحللتَ حَاجَـاتي * بِـَوادٍ غير ذي زَرْع
ومدح ربيعة الرقي يزيد بن حاتم الأزدي، وهو
والي مصر فاستبطأه ربيعة. فشخص
عنه من مصر وقال
:
أَرَانِي -وَلاَ كفرَان الله- رَاجِعًا * بِخُفَّي حنين من نوالِ ابنِ حَاتِم
فبلغ قوله يزيد بن حاتم.
فأرسل في طلبه، فرد
إليه. فلما دخل عليه قال له: أنت القائل:
أَرَانِي -وَلاَ كفرَان الله-
رَاجِعًا
قال: نعم؛ قال: فهل قلت غير هذا؟ قال: لا
والله؛ قال: لترجعن بخفي حنين مملوءة مالاً.
فأمر بخلع نعليه
وملئت له مالاً. فقال فيه لما عزل عن مصر وولي يزيد بن أسيد السلمي
مكانه:
بَكَى أَهل مِصر بالدّمُوع السَّوَاجم
* غَدَاة غَدَا منها الأَغَرّ ابن حَاتِم
وفيها يقول - وكان ربيعة
المذكور قد مدح يزيد
بن أسيد بضم الهمزة السلمي،فقصر يزيد في حقه،فقال يمدح يزيد بن
حاتم ويهجو يزيد
- :
لشتان ما بين اليزيدين في الندى * يزيد سليم
والأغر بن حاتم
فهم الفتى الأزدي
إنفاق ماله * وهم الفتى القيسي جمع الدراهم
فلا يحسب التمتام أني
هجوته * ولكنني فضلت أهل المكارم
هو البحر إن
كلفت نفسك خوضه *
تهالكك في أمواجه بالتلاطم